يحكى أن في يوم من الأيام طلب مازن من والدته أن تنسج له كوفية جميلة يلفها حول رقبته حتى تحميه من البرد وتدفئ جسمه، وقد وعدته أمه أن تسهر ليل نهار حتي تنتهي من عمل الكوفية التي يريدها، وهكذا بدأت الأم تجلس في غرفة المعيشة تنسج بإبرتها كوفية صغيرة وجميلة لإبنها مازن بينما كان مازن في غرفته يستذكر دروسه باهتمام ونشاط .
كان هناك صديق لمازن يدعي نادر، كان نادر دائماً يزور مازن في منزله حتي يذاكر معه، وفي هذا اليوم سأل مازن صديقه نادر : لماذا لا تجعل والدتك تنسج لك كوفية جميلك تحميك من برد الشتاء ؟! طأطأ نادر رأسه في حزن وهو يقول : لقد ماتت أمي منذ عدة أشهر، شعر مازن بالخجل لأنه اكتشف انه لا يعرف هذا الأمر عن صديقه المقرب، وحاول أن يغير الحديث حتى لا يحزن صديقه أكثر من ذلك، وهكذا عاد الصديقان للمذاكرة بينما كانت الأم الذكية جالسة تغزل كوفية مازن في صمت وقد سمعت الحديث الذي دار بين الصغيرين .
بعد مرور عدة أيام بينما كان مازن جالساً في غرفته مع نادر، دخلت أمه عليهما وعلى شفتيها ابتسامة رائعة، وتحدثت لصغيرها مازن قائلة : مازن، إن لديّ لك مفاجأة رائعة، لقد أنتهيت للتو من عمل كوفيتك، وما أن أنهت الأم عبارتها حتي أخرجت كوفية جميلة جداً من خلف ظهرها، فاحتضنها مازن في سعادة شديدة قائلاً : أشكرك كثيراً يا والدتي الحبيبة، لقد تعبتِ وسهرتِ كثيراً لإنهاء كوفيتي الجميلة .
ثم التفتت الأم صوب نادر واقتربت منه قائلة في حنان : أما انت يا نادر فكوفيتك اجمل، نهض نادر وقد ارتسمت على وجهه علامات الدهشة والتعجب قائلاً : كوفيتي ؟! أي كوفية ؟! أخرجت الأم من خلف ظهرها أيضاً كوفية رائعة وجميلة جداً وأعطتها لنادر وهي تقول : بالطبع هذه كوفيتك يا بني، فأنت مثل ولدي مازن تماماً وطبعت على خده قبلة حانية .
سالت الدموع من عيني نادر وهو يشكرها كثيراً قائلاً : شكراً جزيلاً بارك الله فيك، ربتت الأم على كتفه في حنان : بارك الله فيك يا صغيري، ثم غادرت الأم الغرفة وهي تشعر بالسعادة حيث أدخلت السرور على قلب هذا الصغير اليتيم .